حاولت إثبات عدم وجود الله، حالًا بعد ما وجدت ابني البالغ من العمر 19 عامًا ميتا في غرفته. لقد انتحر! نظرت الى أقوى وأحدث الأدلة كي أظهر أنّ إمكانية وجود الله أمر سخيف، تفحّصت أفضل الحجج المنطقيّة من أشهر الملحدين، الأحياء منهم والأموات.
يجب عليكم تَفهّم أني أردت التأكد أنّه لا يوجد إله، بكلّ جدّيّة، خاصة في الثماني والأربعين ساعة الأولى بعد ما وجدت ابني ميتًا. فبالنسبة لي، عدم وجود الله منطقي أكثر من “إله محبّ يسمح لابني أن يتعذّب لدرجة الاكتئاب ومن ثم ينهي حياته بيده”.
لكن الإلحاد خذلني! كلمات أفضل وأبرع الملحدين لم تكن مقنعة. دحض الأدلة لوجود الله كان برأيي غير كامل، محدود الأبعاد وأحيانا سخيفًا. وبينما كان الملحد يحاول بصخب أن يدعم موقفه، رأيت المؤمن يتراجع ليعطي مكانا للأدلة كي تتكلم عن نفسها. حجج المؤمن المنطقية كانت تشبه تلك المقولة: “لا تدافع عن الأسد. فقط افتح القفص ودعه يدافع عن نفسه.”
عند نهاية التحقيق في قضية كوْن بدون الله، وجدت نفسي مثل بطرس في يوحنا 6، لاحظت أنني كنت كصدى لبطرس – متهورًا، أتكلم قبل أن أفكر، وأحيانا طائشًا.. ولكن متحمس دائمًا. في الأصحاح السادس من بشارة الإنجيل بحسب الرسول يوحنّا، حيث أطعم يسوع الآلاف، شفى المرضى وأخرج الشياطين. وأما الآن، فهو يعلّم الجموع ما هو المعنى الحقيقي من أن يتبعوه. والنتيجة حطمت القلوب، فقد اتضح أن معظمهم غير معنيين باتباع يسوع. أرادوا المظهر وليس الجوهر، البركات وليس الالتزام. وبكلمات ديتريتش بونهويفير،(Dietrich Bonhoeffer) فضّلوا النعمة الرخيصة على المكلفة. باختصار، أرادوا أن ينجحوا بالامتحان دون أن يدرسوا له. وفي العدد 66، يسجّل يوحنا: “من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء، ولم يعودوا يمشون معه. فقال يسوع للإثني عشر: «ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا؟» فأجابه سمعان بطرس: «يا رب، إلى من نذهب؟ وكلام الحياة الأبدية عندك»”. بعدما حاولت بكامل قدرتي إثبات أن الله مجرد خرافة، وجدت نفسي أكرّر نفس الكلمات التي قالها بطرس قبل ألفي عام.
هل أستطيع إثبات وجود الله في مختبر؟ كلا! بصراحة، لا أريد إلهًا أستطيع أن أفسره بالكامل! التجسد والثالوث وأمور أخرى كثيرة هي عسرة التفسير. الإله الذي أستطيع تفسيره بشكل كامل يشبه بالحقيقة إنسانًا أكثر من إله، لربما بطلًا خارقًا. وما تذكّرته بعد موت ابني هو: أن الأدلة على وجود كائن متعال خارج قوانين الفيزياء “مختلف عنا” (كما يصفه سورين كيركجارد – Soren Kierkagaard ) ليس فقط مقنع، بل ساحق!
لا أستطيع المبالغة في وصف شعوري في اللحظات الأولى بعدما وجدت ابني ميتًا. لقد كرهت الله! ولكن، الله – الذي نراه في شخص يسوع المسيح عضدني. حتى عندما حاولت الهرب لم يتركني. نفس المحبة التي دفعت المسيح للصليب، دفعته لأنه يحبني بعمق. حملني بحنان على يديه. كان صبورًا معي، وسمح لي بوقت أن أصرخ عليه، واتهمه وحتى أن أكرهه (كل هذه المشاعر، بالمناسبة، موجودة بسفر المزامير).
مع كل ما جرى لي، اندفعت الى الله، وهو لم يتركني. ولا في أي حالة. واعتنى بي إلى أن وصلت إلى صحة نفسية وعاطفية. وخلال الساعات الأولى، حين بدأت بالتحري عمّا إذا كنت مخطئًا طيلة حياتي، لم يعاقبني بل أحبني. في أحلك أوقات حياتي ظلمة، يسوع همس لي: “أنا هنا. سأهتمّ بالأمر. ثق بي.” أنا اؤمن يا ملكي. إلى من أذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك.
الى الذين يحاولون أن يفهموا ألم الحياة، اعلموا هذا: الله أمين. كلامه حق. “قريب هو الرب من المنكسري القلوب ويخلّص المنسحقي الروح.” مزمور 34: 18. يسوع كان حقا موجودًا. عاش حياة بلا خطية. ومات على صليب روماني. القبر ما زال فارغًا. وهذا يغيّر كل شيء.
– نك واطس
هذا المقال مترجم عن تجربة نك الشخصيّة. المصدر