لست مضطرًا أن تقرأ مئات الكتب قبل أن تجادل شخصًا ملحدًا. في بعض الأحيان قد تكون ادعاءات الملحدين بسيطة ويمكن الإجابة عليها بسرعة. في المؤتمر الانجيلي الذي عقد في لندن في اوكتوبر الماضي، عرض بروفسور الرياضيات جون لينوكس من جامعة اوكسفورد بعض الأجوبة عن الأسئلة والادعاءات الإلحادية الشائعة:
1) الملحد: أنت لا تؤمن بزويس، ثور والألهة الاخرى، أنا فقط لا أؤمن بإله إضافي عنك، وأرفض إله المسيحيين:
المشكلة في هذا الإدعاء أن “الآلهة” مثل زويس وثور تتعارض مع المفهوم الكتابي ل “الله”.
” هناك فرق شاسع بين كل الآلهة الشرقية القديمة وإله الكتاب المقدس” قال البروفسر لينوكس. “تلك الآلهة هي منتوج الكتلة البدائية والطاقة الكونية. إله الانجيل هو خالق السماوات والأرض”.
2) العلم فسّر كلّ شيء. ولا وجود لله في هذا التفسير:
لا يستطيع العلم الإجابة على أنواع أسئلة معينة مثل : “ما هو الأخلاقي؟”، “ما هو الجميل؟”. حتى في الأسئلة التي تختص بالعالم الطبيعي، التي يبحث فيها العلم، قد تتواجد هنالك تفسيرات مختلفة.
الله لا يتبارز مع العلم على تفسير وجود الكون، تمامًا كما لا يتبارز هنري فورد مع قوانين الاحتراق الفيزيائية على وجود السيارة.
3) العلم يعارض وجود الله:
هناك مفاهيم معينة لكلمة “الله” التي قد تكون عكس العلم، ولكنه ليس مفهوم الله الذي يؤمن به المسيحيّون. قد يكون هناك أنواع معينة من “الآلهة” التي اختُرعت لشرح الأمور غير المفهومة للبشر، لكنهم بالتأكيد غير مسيحيين.
“اذا عُرضَ علينا الإختيار بين العلم والله… نستنتج حالا انهم يتكلمون عن مفهوم غيرمسيحي لله”، قال برفيسور لينوكس. اله الكتاب المقدس هو ليس إله الفجوات، بل إله كلّ الكون. سواء كنا نفهم عنه القليل (من خلال العلم) أو سواء ما زالت بعض الأمور غير مفهومة.
“عندما ندقق بأفكار كبار المفكرين، نلاحظ أنّ أفكارهم عن الله هي أفكار وثنيّة. إذا عرّفت الله أنّه إله الفجوات، عندها عليك أن تختار بين هذا الإله (إله الفجوات) والعلم.”
4) لا تستطيع اثبات وجود الله:
هذا الإدعاء يتجاهل أن للاثباتات أنواع. “هل تستطيع اثبات وجود الله؟” سأل البروفسور لينوكس. “من الناحية الرياضية، لا. لكن إثبات أي شيء قد يكون صعبًا جدًّا أيضًا. كلمة إثبات لها معنيان. هناك المعنى الدقيق للكلمة، مثلا في الرياضيات وهو صعب جدًّا أن يثبت ونادر. ولكن هناك المعنى الثاني بالمفهوم القضائي وهو “ما بعد الشك المنطقي” (beyond reasonable doubt). هذا هو نوع من “الدلائل” الذي يمكننا تقديمه: الحجج المنطقية التي تأتي بالشخص لمنطقة لا يُترَك بها مجال للشك المعقول. مثلًا، الجدالات العقلانية لبعض الفلاسفة مثل الفين بلانتينغا ووليم لاين كريغ، التجربة الشخصية للمسيحيين وشهادة الأناجيل في الكتاب المقدس.
5) الإيمان هو التصديق بشيء بدون وجود دليل:
لم يتأسس الإيمان المسيحي أبدًا على عدم وجود دليل: فقد كتبت الأناجيل لتوفر لنا الدليل الكافي، كما يشهد لنا لوقا. وكذلك في نهاية إنجيل يوحنا مكتوب: “وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أنّ يسوع هو المسيح ابن الله و لكي تكون لكم اذا آمنتم حياة باسمه” (يوحنا 31:20)
لكن التصديق بدون دليل هو مفهوم شائع “للإيمان” في الوقت الحاضر. “هذا التعريف مذكور في القاموس والكثير يؤمنون به” قال البروفيسور لينوكس. “لهذا، عندما نتحدث عن الإيمان بالمسيح، يعتقدون أنّه لا يوجد أي دليل. لكن المسيحيّة هي إيمان قائم على أدلة (إنجيل يوحنا يثبت ذلك).
6) الإيمان هو مجرّد وهم. انا لا أؤمن بالله أكثر من إيماني بأرنب الفصح، وسانتا كلوز أو وحش المعكرونة الطائر.
هذه المعتقدات اشتهرت من خلال أشخاص مثل البروفيسور ريتشارد دوكينز. الشيء الوحيد الذي تقدمه هذه الإدعاءات هو الاستهزاء لا غير.
“ادّعاءات العلماء ليست بالضرورة ادّعاءات علميّة” قال البروفيسور لينوكس. ثم أكمل بأن “ستيفن هوكينغ قال إنّ الدين هو قصة خرافيّة للناس الذين يخافون من الظلام، وأنا أقول إنّ الإلحاد هو قصة خرافية للناس الذين يخافون من النور”.
هذه العبارات لا تثبت أي شيء. فهي قابلة للنقض. وراء كل هذه الادّعاءات الوهميّة تكمن فكرة فرويد بتحقيق الرغبات (أي أننا نؤمن بما نرغب أن يكون حقيقيًّا). وهذه الادّعاءات كلّها أمثلة برّاقة بحالة عدم وجود الله. ولكن فكرة فرويد سيف ذو حدين، لأنه إن كان الله موجودًا، عندها يكون الإلحاد هو الرغبة التي تسعى للتحقق.
7) المسيحية تدّعي أنها حقيقية في حين أنّها تحوي العديد من الطوائف التي لا توافق بعضها، لذا فمن المؤكد أنّها على خطأ.
لماذا يعني وجود عدة طوائف أنّ المسيحية على خطأ؟ أليس من الممكن أن يعني هذا أن المسيحيين لديهم شخصيات وثقافات مختلفة جدًّا – أو قد يعني أن المسيحيّين لا يجيدون التأقلم معا- لكن ليس بالضرورة أن المسيحية على خطأ. “هناك أنواع مختلفة من الفرق التي تلعب كرة القدم، ولكنّها جميعًا تلعب كرة القدم” قال البروفيسور لينوكس.
8)الكتاب المقدس غير أخلاقي:
إذا كنت ترغب في التشكيك في أخلاقيات الكتاب المقدس، على أي أساس أخلاقي تعتمد؟ قد تكون هنالك تناقضات شديدة وسط معتقدات الملحدين . كتب دوكنز: “في الكون المكون من الإلكترونات والجينات الأنانية، القوى الفيزيائية العمياء والتناسخ الجيني، بعض الناس سوف يتعرّضون للأذى، وآخرون سيحالفهم الحظ، وأنت لن تجد أي توازن أو سبب لذلك، ولا حتى عدالة. الكون الذي نعاينه يحتوي على الخصائص التي ينبغي لنا أن نتوقعها إذا كان هناك، بالنهاية ، لا تصميم، لاهدف، لا شرّ، لا خير، لا شيء سوى اللامبالاة القاسية.”
اذا كان هذا صحيحا فلماذا يشكك دوكنز في أخلاقيات أي شيء (ليس فقط الكتاب المقدس)؟ “دوكنز يقول الإيمان هو شر” – قال بروفيسور لينوكس- “ولكنه في الوقت نفسه يلغي تعريف الخير والشر، وهذا غير منطقي”.
9) من المؤكد أنك لا تعتبر الكتاب المقدس حرفيا؟
بعض الملحدين (وبعض المؤمنين أيضا) يفسّرون الكتاب المقدس من وجهة نظر (أبيض أو أسود) بمعنى أنّك إمّا أن تأخذه “حرفيًّا” أو ترميه بسلّة النفايات. ويعتقدون أن هذا يلغي حقيقة اللغة وكيف أنها تعكس الحق.
” يسوع قال: ‘أنا هو الباب‘” قال البروفيسور لينوكس “هل المسيح هو باب حرفي كما ذكر الإنجيل؟ لا هو ليس بابًا بالمعنى الحرفي لكنه بالفعل الباب الحقيقي الذي من خلاله تعيش اختبارًا حقيقيًّا مع الله. التشبيه هنا يدل على الواقع. كلمة ‘حرفيّا‘ هنا عديمة الفائدة.”
10) ما الدليل على وجود الله؟
يمكنك أن تبحث وتناقش في وجود الله مطولا، فالموضوع شيق جدًّا، خاصّة عند الدخول في التفاصيل واستكشاف الموضوع الى العمق. لكن بالنسبة للملحد، قد يناقش في عدة أمور حول الموضوع فيتجنب القضية الحقيقية. البروفيسور لينوكس ينصحهم بالتركيز على السؤال الأهم:
“لنفرض أنّني أستطيع إعطاءك أدلة على وجود الله، هل ستكون مستعدًّا للتوبة والإيمان بالمسيح؟”
بالطبع هنالك أجوبة أعمق لكل من هذه الإدعاءات – للمزيد في هذا المجال، اطّلعوا على فيديوهات لمناظرات ومحاضرات أخرى لبروفيسور لينوكس – هذا احداها:
شكرا لشيرين حنا على الترجمة
ترجم عن المصدر
مصدر الصورة الاولى